ثواب تربية الأبناء
د. زياد موسى عبد المعطي
تربية الأبناء مسؤولية يُسأل عنها الآباء
يوم القيام، ومن يُحسن تربية الأبناء يكون له ثواب من الله يوم القيامة.
تربية الأبناء مسؤولية الآباء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ
ومسؤولٌ عنْ رعيتِه، الإمامُ راعٍ وهو مسؤولٌ عنْ رعيتِه، والرجلُ في أهلِه راعٍ
وهو مسؤولٌ عنْ رعيتِه، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها وهي مسؤولةٌ عنْ رعيتِها"
(متفق عليه).
النية في تربية الأبناء
يجب على الآباء أن يحسنوا تربية الأبناء وأن يكون نيتهم
أن يكون لهم الثواب من الله سبحانه وتعالى في هذه التربية والرعاية وأن تكون النية
خالصة لوجه الله عز وجل حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّما
الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ
إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ
إلَيْهِ" (متفق عليه).
إصلاح الأبناء مسؤولية وثواب كبير
تربية الأبناء وأن يكونوا من الصالحين الفائزين يوم
القيامة بجنة النعيم وأن نقيهم من عذاب الجحيم واجب يأمرنا به الله سبحانه وتعالى
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة"ُ "التحريم:6".
وإصلاح الأبناء وهدايتهم له ثواب كبير، هداية أي شخص
ثوابه كبير في الحديث الذي قال في رسول الله صلى الله عليه وسلم "فَوَاللَّهِ
لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ
حُمْرُ النَّعَم" (متفق عليه)، وحمْرُ النَّعمِ مِنْ أنواع الإبلِ المحمودةِ،
ومعنى الحديث: أنْ تكونَ سببًا في هدايةِ رجلٍ واحدٍ خيرٌ لكَ مِن أنْ تكونَ حمرُ
النَّعْمِ لك فَتتصَدَّقَ بها، وقِيلَ: تَقْتنيها وتَمِلكها، وكانت مِمَّا
تَتفاخَرُ العربُ بها، هذا بالنسبة لأي شخص فما بالك بهداية الأبناء؟
الإنفاق على الأبناء صدقة:
الإنفاق على الأبناء عندما يبتغي بها
المسلم وجه الله سبحانه وتعالى يكون له ثواب الصدقات، وفي ذلك قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "إنَّ المُسْلِمَ إذا أنْفَقَ علَى
أهْلِهِ نَفَقَةً، وهو يَحْتَسِبُها، كانَتْ له صَدَقَةً" (متفق عليه)،
وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ
دِينارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينارٌ يُنْفِقُهُ علَى عِيالِهِ، ودِينارٌ
يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ علَى دابَّتِهِ في سَبيلِ اللهِ، ودِينارٌ يُنْفِقُهُ علَى
أصْحابِهِ في سَبيلِ اللَّهِ" (صحيح مسلم) قالَ أبو قِلابَةَ: وبَدَأَ
بالعِيالِ، ثُمَّ قالَ أبو قِلابَةَ: وأَيُّ رَجُلٍ أعْظَمُ أجْرًا، مِن رَجُلٍ
يُنْفِقُ علَى عِيالٍ صِغارٍ، يُعِفُّهُمْ، أوْ يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ به،
ويُغْنِيهِمْ.
السعي في الرزق لرعاية الأبناء جهاد في سبيل الله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يَسْعَى على ولدِه صغارًا فهو في سبيلِ اللهِ،
وإن كان خرج يَسْعَى على أبويْنِ شيخيْنِ كبيريْنِ فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان
خرج يَسْعَى على نفسِه يَعُفُّها فهو في سبيلِ اللهِ، وإن كان خرج يَسْعَى رياءً
ومفاخرةً فهو في سبيلِ الشيطانِ" (صحيح الترغيب – الألباني).
الصلاة والأبناء
يقول الله
سبحانه وتعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا
نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ" (طه:
132).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علِّموا
أولادَكُمُ الصلاةَ إذا بلَغُوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشْرًا،
وفرِّقُوا بينهم في المضاجِعِ" (صحيح الجامع – الألباني)
من يأمر أهله بالصلاة وطاعة الله يرضى عنه
الله "َكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ
رَبِّهِ مَرْضِيّاً" (مريم:55).
الأبناء حفظة القرآن من أسباب دخول الجنة للآباء:
عن ثواب الآباء وحفظ أبنائه للقرآن قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم "ويُكْسى والِداهُ حُلَّتينِ لا يُقوَّمُ لهما أهْلُ
الدُّنيا، فيقولانِ: بِمَ كُسِينا هذا؟ فيُقال: بأخْذِ وَلَدِكما القُرآنَ"
(حديث حسن - أخرجه أحمد).
تربية البنات طريق لدخول
الجنة
تربية البنات في الإسلام
لها ثواب عظيم من الله عز وجل سواء أكانت ابنة أو أخت حيث قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم" مَن كان
له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَواتٍ أو ابنتانِ أو أُختانِ
فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ دخَل الجنَّةَ" (صحيح ابن حبان)، بل
يرفع الله بتربية البنات الدرجات يوم القيامة ويجعل من يحسن تربية البنات في أعلى
الجنان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"من عالَ جاريتينِ دخلتُ أنا وَهوَ الجنَّةَ كَهاتين وأشارَ
بأصبُعَيْهِ" (صحيح الترمذي).
وعن
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه قالت: "جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ
ابْنَتَيْنِ لَهَا، فأطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فأعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ
منهما تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا،
فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ
أَنْ تَأْكُلَهَا بيْنَهُمَا، فأعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الذي صَنَعَتْ
لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ
أَوْجَبَ لَهَا بهَا الجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بهَا مِنَ النَّارِ" (صحيح – مسلم
وابن حبان).
الأبناء عمل صالح يستمر بعد
الموت
قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم "إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن
ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ
وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له" (صحيح مسلم). الابن الصالح يدعو لأبويه " رَّبِّ ارْحَمْهُمَا
كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" (الإسراء: 24).
دعاء الأبناء يرفع درجات الآباء في الجنة
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ الرجُلَ لَتُرْفَعُ درجتُهُ في الجنةِ
فيقولُ: أنَّى لِي هذا؟ فيُقالُ: بِاستغفارِ ولَدِكَ لَكَ" (صحيح الجامع:
الألباني).
الله سبحانه وتعالى يرفع درجات الأبناء الصالحين مع آبائهم في الجنة
قال الله سبحانه وتعالى "وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ
رَهِينٌ" (الطور:21) إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذريته من الصالحين يوم
القيامة وإن كانوا دونه في العمل ليقرّ الله بهم عينه.
موت الأبناء
وثواب يوم القيامة
قال
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِنِسْوَةٍ مِنَ الأنْصَارِ: "لا
يَمُوتُ لإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ، إلَّا دَخَلَتِ
الجَنَّةَ فَقالتِ امْرَأَةٌ منهنَّ: أَوِ اثْنَيْنِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: أَوِ
اثْنَيْن" (صحيح مسلم).
وعن
أبي حسان الأعرج أنه قال: قُلتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّه قدْ مَاتَ لِيَ
ابْنَانِ، فَما أَنْتَ مُحَدِّثِي عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ
بحَدِيثٍ تُطَيِّبُ به أَنْفُسَنَا عن مَوْتَانَا؟ قالَ: قالَ: نَعَمْ،
صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الجَنَّةِ يَتَلَقَّى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ، أَوْ قالَ
أَبَوَيْهِ، فَيَأْخُذُ بثَوْبِهِ، أَوْ قالَ بيَدِهِ، كما آخُذُ أَنَا بصَنِفَةِ
ثَوْبِكَ هذا، فلا يَتَنَاهَى، أَوْ قالَ فلا يَنْتَهِي، حتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ
وَأَبَاهُ الجَنَّةَ" (صحيح مسلم)، صِغارُهم "دَعاميصُ الجنَّةِ"،
أي: صِغارُ أَهلِها؛ والدُّعموصُ: دُويِّبةٌ تَكونُ في الماءِ لا تُفارقُه، أي:
إنَّ هَذا الصَّغيرَ في الجنَّةِ لا يُفارقُها؛ يَتلقَّى أَحدُهم أَباه، أو
أَبوَيه كِلاهُما، فيَأخُذُ بثَوبِه، أي: بطَرف ثَوبِه؛ أو بيدِه يُدخِلَه اللهُ
وأَباه الجنَّةَ .
الشهيد يشفع لأبويه
وفي
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خصال الشهيد يوم القيامة أن الشهيد "يُشفَّعُ
في سبعينَ من أقاربِه" (صحيح الترغيب: الألباني). والأب والأم أقرب الأقارب.
ندعو الله سبحانه وتعالى يجعل تربية البناء
ثواب لآبائهم، وندعو الله أن يجعلنا عملاً صالحاً لآبائنا، وأن يجعل أنائنا عملاً
صالحاً، وأن يجمعنا وأهلنا في الفردوس الأعلى يوم القيامة.