الكلمة الطيبة شجرة تثمر
د. زياد موسى عبد المعطي
الكلمة الطيبة هي شجرة طيبة تثمر، ويستمر إثمارها إلى أن يشاء الله، متى تبدأ
الكلمة الطيبة تؤتي ثمارها وأين تؤتي ثمارها؟ يختلف الإثمار ويختلف بدأ جني
الثمار، ويختلف الاستمرار في جني الثمار في الدنيا حسب نوع الكلمة كما يختلف نوع
الشجر.
الكلمة
الطيبة قد تكون كلمة دعوة إلى الله يقولها الأنبياء، الكلمة
الطيبة قد تكون كلمة يقولها العلماء في شتى فروع العلم، قد تكون الكلمة الطيبة
كلمة حق في وقت يكثر فيه قول الباطل، قد تكون الكلمة الطيبة كلمة يقولها الرجل
لزوجته، أو كلمة يؤدب بها ولده، قد تكون أمر بمعروف أو نهي عن منكر لصديق أو زميل
أو رفيق، قد تكون الكلمة الطيبة كلمة في مقالة في جريدة أو مجلة أو موقع الكتروني،
وقد تكون كلمة عبر قناة فضائية يشاهدها الملايين، قد تكون أي نوع آخر من الكلمات.
يقول الله عز وجل في محكم
آياته "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً
كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي
أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)" (سورة إبراهيم).
قد تثمر الكلمات في وقت
قريب، وقد يتأخر جني الثمار، قد يستمر جني الثمار في الدنيا لوقت قصير، أو
يستمر لوقت طويل، وقد يستمر إلى يوم الدين.
قد تثمر الكلمة الطيبة
ويأتي مفعولها في حينها مثل كلمة تأديب لطفلك، أو كلمة تعليم لطالب
استوعب الكلمة من معلمه، وقد يتأخر إثمار الكلمة، مثل كلمة الحق التي
قالها الأنبياء للدعوة إلى توحيد الله وعبادته مثلما فعل نوح عليه السلام الذي ظل
يدعو الله ألف سنة إلا خمسين وآمن مع قليل.
الكلمة الطيبة عمرها قد
يكون أكبر من عمر أي شجرة في الدنيا، قد يستمر إثمار الكلمة الطيبة إلى يوم الدين
مثلما أمر الله إبراهيم عليه السلام "وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ
يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ" (الحج: 27)، وآتى الناس للحج بعد أن أطاع إبراهيم أمر الله، حتى في
وقت المشركين كان يأتي الناس لبيت الله الحرام، والحج في شريعة المسلمين الركن
الخامس في الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، ودعوة الرسول الكريم صلى الله عليه
وسلم مستمرة إلى يوم الدين، وحفظ الله القرآن "كلام الله" إلى يوم
الدين.
كلمات العلماء في شتى فروع
العلم أثمرت تقدم علمي، ومازالت تعطي ثماراً، وعاشت الكلمات التي
قالها العلماء أكثر من أعمارهم، وتعطي ثمارها كل حين.
الشجرة المثمرة تتكاثر عن
طريق البذور أو الشتلات أو الفسائل، وتعطي الشجرة ذرية من الأشجار التي تثمر في
أمكان أخرى، وتعطي الأشجار الجديدة ثمارها في الأرض الصالحة والجو الصالح للإثمار،
والكلمة الطيبة ينتقل تأثيرها الطيب وتعطي نتائجها الطيبة طالما وجدت الظروف
المناسبة، فقد تعطي الكلمة الطيبة مفعول في جميع أنحاء الأرض أو يكون مفعولها
محدود في أماكن محدودة.
قد يتأخر انتشار الشجر
الطيب في أماكن جديدة حتى يتأكد من يريد نشر هذا الشجر من
جودة الثمار، أو لكي يتعلم من يريد نشر الشجر الطيب كيفية رعايته والحفاظ عليه،
وهذا ما أراه حدث في انتشار الإسلام، فقد كان انتشار الإسلام في مكة المكرمة بمعدل
قليل، وزاد معدل انتشار الإسلام في المدينة، وزاد أكثر بعد فتح مكة، وزاد أكثر بعد
ذلك، وما زال يدخل الناس في دين الله في مختلف بقاع الأرض.
قد تصاب الشجرة بآفات أو
أمراض تؤثر في الثمار التي تنتجها، وتعاود الشجرة انتاجها الطيب بعد
معالجتها والقضاء على ما يؤثر في إثمارها، حتى لو أن الشجرة ماتت في مكان ما فسوف
تظل ذريتها التي انتشرت في أماكن أخرى تؤتي ثمارها.
وكما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم "الكلمة الطيبة صدقة" (متفق عليه)، والله عز
وجل يرعى الصدقة وينميها ويزيدها، فالله عز وجل يقول " يَمْحَقُ اللَّهُ
الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ
أَثِيمٍ" (البقرة: 276). فالله عز وجل هو الذي يرعى الكلم الطيب مثلما يرعى
البستاني شجره ويحرص على إثماره وإكثاره.
فيجب علينا أن نحرص على الكلم الطيب، وعلى قول الحق، والله عز وجل يرعى القول
الطيب ويجعله يؤتي ثماره في الدنيا، ويعطي الثواب في الآخرة، أما متى وأين تؤتي
الكلمة الطيبة ثمارها في الدنيا؟ فهذا علمه عند الله، وثواب الآخرة خير وأبقى.
الكلمات الدالة: كلم –
شجرة – ثمار – دنيا – آخرة – علم – انتشار
المصدر: موقع علامات أونلاين – الأربعاء 11 أكتوبر 2017