الكلمة مسئولية
بقلم: د. زياد موسى عبد المعطي
كلمات تدخلنا في الإسلام، كلمات قد تجعلنا كفار، وكلمة قد تدخلنا الجنة وكلمة قد تدخلنا النار، القرآن معجزة خاتم الأنبياء هو كلام الله، وكلمات كأشجار تثمر، كلمات قد تشعل حرباً، كلمات تكسب بها حب الناس، كلمات تشكل وعياً، الكلمة مسئولية، فاختر كلماتك بعناية، كلمات يصدقها العمل تخرج من القلب، الكلمة مسئولية، الكلمة المسموعة والمكتوبة.
الكلمة تدخلنا الإسلام
كلمات تدخلنا الإسلام، وأول أركان الإسلام، وهي أن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " بنيَ الإسلامُ علَى خمسٍ شهادةِ أن لا إلَه إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ" (متفق عليه)، شهادة يرفعها كل مؤذن ينادي لكل صلاة، شهادة نتلوها كل صلاة في التحيات.
الكلمة قد تٌدخل الجنة، وكلمة قد تٌلقي في النار:
كل ما نتكلم به يكتب في صحائفنا "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" (ق: 18)، الكلمة مهمة ترفعنا درجات في الجنة أو تُهوي دركات في النار، ففي الحديث الشريف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يرفعُ اللهُ بها درجاتٍ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنَّمَ" (صحيح البخاري)، فإذا لم تكن الكلمات سنجني منها الحسنات فالأفضل أن نلوذ بالصمت لكي لا تكتب علينا سيئات، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ" (رواه أبو هريرة – متفق عليه).
حصاد اللسان:
ما ينطق به اللسان قد يرفع درجات في الجنة وقد يهوي بصاحبه في النار، نجد ذلك في الحديث الشريف الذي يرويه معاذ بن جبل أنه قال "يا نبيَّ اللهِ وإنا لمَؤاخَذون بما نتكلَّم به؟ قال : ثَكِلَتْك أُمُّك ، وهل يَكبُّ الناسَ في النارِ على وجوهِهم – أو قال: على مناخرِهم إلا حصائدُ أَلسنِتِهم؟" (الألباني - صحيح الترغيب)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أصبحَ ابنُ آدمَ فإنَّ الأعضاءَ كلَّها تُكفِّرُ اللِّسانَ فتقولُ اتَّقِ اللَّهَ فينا فإنَّما نحنُ بِك فإن استقمتَ استقمنا وإن اعوججتَ اعوججنا" (صحيح الترمذي)
الكلمة شجرة تثمر:
الكلمة الطيبة شجرة تثمر وتؤتي ثمارها لسنين كل حين، ويجني صاحبها حسنات منها، والكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة، يقول الله سبحانه وتعالى " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ، يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " (سورة إبراهيم:24-27) (مقالة بعنوان: الكلمة الطيبة شجرة تثمر - لقراءة المقالة اضغط هنا)
الكلمة صدقة ننفقها
الكلمة صدقة ننفقها نجني منها الحسنات، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ" (من حيث رواه أبو هريرة – صحيح – متفق عليه).
الصدق والكذب
يأمرنا الله بالصدق حيث يقول الله سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة: 119)، والصادقين جزاءهم الجنة يوم القيامة " قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (المائدة: 119). يجب أن نتحرى الصدق ونتجنب الكذب فالصدق يهدي إلى الجنة والكذب يٌلقي في النار، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "عليكم بالصِّدقِ. فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ. وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ. وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقًا. وإيَّاكم والكذِبَ فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ. وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ. وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا" (صحيح مسلم).
الكلمة والنفاق:
كلمات ينطقها الإنسان قد تجعله من المنافقين، وصفات المنافق يخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ، وإذا وعَدَ أخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ" (رواه أبو هريرة - صحيح البخاري)، والمنافين يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار "إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا " (النساء: 145).
"القرآن" كلام الله
القرآن الكريم معجزة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله رحمةً للعالمين،
معجزة خاتم الأنبياء وسيد المرسلين "القرآن" كلام الله، القرآن تحدى الله به الإنس والجن أن يأتوا بمثله، ويقول الله سبحانه وتعالى " وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " (البقرة: 23)، " أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" (يونس: 38). كتاب الله المعجز فيه من اعجاز قصصي وتاريخي، وإعجاز تشريعي، وإعجاز علمي وغير ذلك من صور الإعجاز ما لا ينضب عبر الماضي والحاضر والمستقبل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كتاب الله نقرأه ونتدبره، ونعمل به فنجني الحسنات ونعلو في الجنة درجات، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" (صحيح مسلم)، "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن: ألف حرف ولام حرف، وميم حرف). (صحيح الترغيب: الألباني)، "يقال لصاحب القران اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها). (صحيح الجامع-الألباني، وصحيح ابن حبان).
الكلمة تنشر علماً:
كلمات تنشر علماً يرفعنا الله بسببها في الجنة الدرجات، يقول الله عز وجل "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (المجادلة: 11)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم. فمن أخذه أخذ بخطٍ وافرٍ" (صحيح الترمذي).
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
أمرنا الله عز وجل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أكثر من موضع في القرآن الكريم، ومنها قوله سبحانه وتعالى: ""كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" (آل عمران: 110)، "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (التوبة: 71)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم" (صحيح الترمذي). "الدِّينُ النَّصيحةُ قلنا: لمن؟ قال: للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِه " (صحيح مسلم)
الكلمة يصدقها العمل
يجب أن تكون الكلمة صادقة نابعة من القلب، وأن الكلمة يصدقها العمل، حيث يقول الله عز وجل "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (البقرة: 44). ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "يُجاءُ برجلٍ فيُطرَحُ في النارِ، فيُطحَنُ فيها كطَحنِ الحِمارِ برَحاه، فيُطيفُ به أهلُ النارِ فيقولونَ: أيُ فلانُ، ألستَ كنتَ تأمُرُ بالمعروفِ وتَنهى عنِ المُنكَرِ؟ فيقولُ: إني كنتُ آمُرُ بالمعروفِ ولا أفعَلُه، وأنهى عنِ المُنكَرِ وأفعَلُه). صحيح البخاري).
ومن درر الشعر العربي أبيات قالها أبو الأسود الدؤلي:
يا أيها الرجلُ المعلّم غيره .... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصفُ الدّواءَ لذي السّقام وذي الضّنى.. كيما يصحُّ به وأنت سقيم
وأراك تصلحُ بالرّشاد عقولنا ... أبداً وأنت من الرّشاد عقيم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله.... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها .... فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيم
فهناك يقبلُ ما وعظتَ ويقتدى .... بالعلم منك وينفع التّعليم
الكلمة تشكل وعياً:
الكلمة تشكل الوعي لدى عامة الناس، فوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تشكل ثقافة عامة الشعوب، كلمات تصنع وعياً، وقد يغيب إعلام غير صادق عقول ووعي شعوب. فعلى العاملين في مجال الإعلام تحري الأمانة والدقة ومراعاة مرضاة الله في أعمالهم.
كلمات قد تجذب أنظار وتجلب إقناع، كلمات تلقى بصدق وحماس تؤتي مفعول السحر في النفوس، كلمات تخرج من القلب تصل إلى القلب، وكلمات لا تخرج من القلب، تلقى بفتور لا تتعدى غير الأذن ولا تؤثر فيمن يتلقى الكلمات.
الكلمة المكتوبة:
الكلمة المكتوبة عمرها قد يكون أطول من عمر صاحبها، كلمات قد يجني منه حسنات، وقد يندم عليها وقد يكون وقت التعديل قد فات، وكما قال الشاعر:
كـتبت وقـد أيقـنـت يوم كتابتـي ..... بـأن يـدي تفنـى ويبـقى كتابها
فإن عملت خيراً ستجزى بمثله ...... وإن عملت شراً على حسابها
تأثير الكلمة:
كلمات قد تجلب حب الناس، وكلمات قد تسبب كراهية الناس، كلمات قد تشفي قلوباً قد مرضت وكلمات تسبب جروحاً في الأنفس قد لا تشفيها كلمات.
كلمات ترفع مقام صاحبها في الآخرة والأولى درجات وكلمات قد تنزله دركات.
الكلمة قد تتسبب في الترقي في العمل أو قد تتسبب في عزل مسئولين من مناصبهم.
الكلمة قد تسبب صلح بين الناس، وقد تسبب الكلمة فراق وصراع وشقاق
الكلمة قد تجلب السلام بين الدول، وقد توقد نيران الحروب بين الشعوب.
الكلمة مسئولية وأمانة، ندعو الله أن يرزقنا كلمات صالحة تخرج من قلوبنا خالصة لوجهه الكريم، يصدقها عمل صالح يكتب في ميزان صالح أعمالنا.
Tags:
الدين والحياة
بارك الله فيكم على هذا الكلام الطيب
ردحذفجزاكم الله خيراً
حذف