نهايات الظالمين في القصص القرآني
بقلم: د. زياد موسى عبد المعطي أحمد
هذه المقالة محاولة لرؤية نهايات الظالمين في
القصص القرآني، للتفكر والعبرة.
الله عز وجل لا يحب الظالمين "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (من
الآية 57: آل عمران، ومن الآية 140: آل عمران)، ويعذب
الله الظالمين في الدنيا ليكونوا عبرة لمن يظلم، وفي
الآخرة لهم عذاب أليم "قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ
يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا" (الكهف: 87)،
"ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ
إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ" (يونس: 52).
الله عز وجل ليس
غافلاً عما يفعل الظالمون: ويقول الله عز وجل في محكم آياته "وَلَا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ
فِيهِ الْأَبْصَار" (إبراهيم: 42)، وفي الحديث الشريف الذي يرويه أبو موسى
الأشعري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ ليُملي للظالمِ،
حتى إذا أخذه لم يفلتْهُ. قال: ثم قرأ: “وَكَذَلِكَ أَخْذُ
رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ"
(متفق عليه).
إن من يفتري على الله الكذب، ويكذب بالرسل، ويظلم الناس لا
يفلح في الدنيا قبل الآخرة "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ
كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" (الأنعام:
21)، "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ
بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ"
(العنكبوت: 68)
ومن القصص القرآني نرى نهايات ما يلي:
نهاية قوم نوح: قوم نوح عليه السلام كذبوه وسخروا منه، وظل يدعوهم ألف
سنة إلا خمسين، وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فكانوا من المغرقين ونجا الله نوح
عليه والقليلون الذين آمنوا معه "وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ
خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ. فَأَنجَيْنَاهُ
وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ" (العنكبوت:
14 -15).
نهاية قوم عاد: النبي هود عليه السلام أرسله الله إلى قوم عاد يدعوهم
إلى ترك عبادة الأصنام، وهم أول من عبد الأصنام بعد الطوفان الذي أغرق من لم يؤمن
بالنبي نوح عليه السلام. لم يؤمن قوم عاد بالنبي هود عليه السلام، استكبروا وقالوا
من أشد منا قوة، فأهلكهم الله بريح عاتية " فَأَمَّا
عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ
مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ
مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ.
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ
لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ
الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ" (فصلت: 15 – 16)، " وَأَمَّا
عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ.
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى
الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ. فَهَلْ تَرَى
لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ" (الحاقة: 6 – 8). "وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ
الرِّيحَ الْعَقِيمَ. مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ
عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ" (الذاريات: 41 – 42).
نهاية قوم ثمود: أرسل الله صالح عليه السلام إلى قوم ثمود يدعوهم لعبادة
الله وحده وترك عبادة الأصنام، وكانوا قوماً أُولي بأس شديد ينحتون من الجبال
بيوتاً وقصوراً، فآمن بدعوته قليلون، ولم يؤمن به أكثر قومه الذين تحدوه وطلبوا منه
معجزة، فكانت معجزة الناقة التي عقروها في تحدٍ واضح للنبي صالح عليه السلام،
وقالوا له اجعل ربك يعذبنا كما تزعم، فكان عقاب الله لهم على ظلمهم وكفرهم أن
أهلكهم الله بالصحية من السماء من فوقهم، وبالرجفة (أي زلزال) من أسفل منهم فكانوا
جثثا هامدة " فَعَقَرُواْ
النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا
تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ
فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (الأعراف: 77 – 78)، " وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ
الْمُرْسَلِينَ. وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ. وَكَانُواْ
يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ. فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ
مُصْبِحِينَ. فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" (الحجر 80 –
84).
نهاية قوم لوط: قوم لوط الذين أتوا بفاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، إذ كانوا
يأتون الذكران من دون الإناث، أو ما يطلق عليه الآن الشذوذ الجنسي، ولم يؤمن به
أحد من قومه، حتى زوجته لم تؤمن بدعوته، ونجا الله لوط وأهله، إلا زوجته كانت مع
الهالكين، وكان هلاكهم بمطر بحجارة من سجيل "وَلُوطًا
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ
مِّن الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء
بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ. وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن
قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ. فَأَنجَيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ. وَأَمْطَرْنَا
عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ"(الأعراف
80 – 84)، "قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ
إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ
الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ. فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا
عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ.
مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ" (هود:
81 – 83)، "فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِين. فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا
سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ. وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ" (سورة الحجر: 73 – 77).
نهاية قوم مدين:
أرسل الله إلى قوم مدين شعيباً عليه السلام، فدعاهم شعيب إلى أن يعبدوا الله وحده
لا يشركون به شيئاً، وقد كانوا يعبدون الأيكة، وهي شجرة من الأيك، وكذلك كانوا
يغشون في المكيال والميزان، فدعاهم إلى أن يعدلوا في المكيال والميزان، فلم يؤمن
به إلا قليل، وسخر من كفر به مما يقول ويدعوهم إليه، وقالوا اجعل ربك يرسل علينا
العذاب إن كنت صادقاً فيما تقول، فكان لهم ثلاثة أنواع من العذاب أهلكهم الله بها،
أخذتهم الرجفة أي زلزلت الأرض من تحتهم، والصيحة أسكتت الأصوات، وظلة من شرر النار
أرسلت عليهم من كافة الجهات. " وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ
شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ.
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ. الَّذِينَ
كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ
شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ" (الأعراف: 90 – 92)، " وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ
الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ.
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ
ثَمُودُ" (هود: 94 – 95)، " فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ
الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا
كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ" (الشعراء: 189 – 191).
نهاية فرعون: فرعون طغى وتجبر وتكبر، وادعى الألوهية، وكذب موسى
وهارون، أراد أن يقتلهما ومن آمن معهما، أمهله الله حتى ظن أنه قادر على إهلاك
موسى وهارون وقومها، وطارد موسى وقومه حيث كان البحر من أمامهم وجيش فرعون من
ورائهم، فكانت المعجزة أن انفلق البحر ومر من البحر موسى عليه السلام ومن معه وهلك
فرعون وجيشه، وظل جسد فرعون آية ومثال للظالمين "فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ
قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي
سَيَهْدِينِ. فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ
فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنجَيْنَا
مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ. إِنَّ فِي ذَٰلِكَ
لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ" (الشعراء: 61 – 68) " فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ. وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى
النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ. وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ
الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ"
(القصص: 40 – 42). "وَجاوَزنا بِبَني إِسرائيلَ البَحرَ فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ
وَجُنودُهُ بَغيًا وَعَدوًا حَتّى إِذا أَدرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا
إِلـهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ. آلآنَ وَقَد
عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المُفسِدينَ. فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ
لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ"
(يونس: 90 – 92).
نهاية قارون: قارون كان من قوم موسى، رزقه الله كنوز وأموال كثيرة، وكانت
مفاتيح الخزائن التي بها هذه الكنوز لا يستطيع حملها مجموعة من الرجال الأشداء،
وظلم قارون قومه وبغى عليهم، وذكره موسى عليه السلام بالله باليوم الآخر، فتكبر
وتجبر قارون وقال إنما أتيته على علم عندي، فكانت نهايته ذكرى لمن تكبر وتجبر
بعلمه وماله سلطانه، خسف الله به وبداره الأرض، ومساحة داره مساحة كبيرة شاسعة وهي
الآن بحيرة قارون في محافظة الفيوم في مصر" إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ
وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ
أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ
الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ
الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ إِنَّمَا
أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ
مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ
جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ
فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا
مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ. فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ
الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ
مِنَ المُنتَصِرِينَ. وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ
يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ
وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا
يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" (سورة القصص 76 -82).
نهاية أبرهة الأشرم: أبرهة الأشرم الذي كان يحكم اليمن وظن أنه يستطيع هدم
بيت الله الحرام، وأن يحج الناس إلى البيت الذي بناه باليمن، وذهب بجيش كبير به
فيل عظيم، واقترب من الكعبة وكان بينه وبين الكعبة أمتار قليلة، ورأى الكعبة وظن
أنه قد اقترب من تحقيق هدفه، فكانت نهايته آية للعالمين، كانت نهايته ونهاية جيشه
بالطير الأبابيل "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ. أَلَمْ
يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ. تَرْمِيهِم
بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ" (سورة الفيل).
إن الله يرصد للظلمين ظلمهم، ويمهل الظالمين، ثم يصب عليهم سوط
العذاب في الدنيا قبل الآخرة "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ. إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ. الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ
مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ. وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ.
وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ. الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا
فِيهَا الْفَسَادَ. فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ. إِنَّ رَبَّكَ
لَبِالْمِرْصَادِ" (الفجر: 6 – 14).
لا تظلم، لا تكفر بآيات الله، وكن مع المؤمنين، إن
الله لا يحب الظالمين، ولهم عذاب أليم في الآخرة والأولى.
Tags:
الدين والحياة