الفيروسات الصديقة
د. زياد موسى عبد المعطي
عند عامة الناس كلمة فيروس مرادفة لميكروب
ضار ومؤذٍ للإنسان والحيوان، ومما هو لا شك فيه أن هناك الكثير من الفيروسات ضار
ويسبب الأمراض للإنسان والحيوان والنبات، ولكن ليس كل الفيروسات ضارة
للإنسان وأعداء للبشرية، فهناك العديد من الفيروسات المفيدة والصديقة للبشرية
والتي يستخدمها العلماء في مختلف أنحاء العالم لخدمة الإنسان والحضارة
البشرية.
الفيروسات بصفة عامة هي مجموعة من المخلوقات الدقيقة
جداً لا ترى إلا بالمجهر الالكتروني بعد تكبيرها مئات الآلاف من
المرات.
الفيروسات إجبارية التطفل لا تعيش إلا في
وجود العائل الذي تتطفل عليه، وفي غيابه تصبح عبارة عن بلورات غير حية ويتوقف
تكاثرها.
والفيروسات شديدة التخصص، فبعضها يصيب كائن حي
واحد فقط، أو مجموعة قليلة من الكائنات القريبة من بعضها في الوضع التصنيفي.
هناك حكمة إنجليزية تقول “The enemy of my enemy is
my friend” أي أن عدو عدوي هو صديقي. ومن هذا المنطلق يتم استخدام
الفيروسات التي تصيب الكائنات التي تسبب أضرار للحضارة البشرية في القضاء على هذه
الكائنات، فتكون هذه الفيروسات صديقة للبشرية.
هناك الفيروسات التي تتطفل على الحشرات الضارة، وتستخدم هذه الفيروسات
بنجاح في مقاومة الحشرات التي تصيب النباتات وبالذات الحشرات التي تصيب أشجار
الفاكهة، ومنها الفيروسات التي تنتمي إلى مجموعة باكيلوفيروس baculoviruses التي
تصيب أكثر من 600 حشرة على مستوى العالم وهذه الفيروسات تقضي على الحشرة وهي في
طور اليرقة قبل نضوجها.
والأرانب البرية في استراليا سببت مشكلة كبيرة
للاقتصاد الاسترالي في بدايات القرن الماضي حيث كانت تهاجم الحقول
وتلتهم مساحات كبيرة من المحاصيل، وبفضل علماء الفيروسات الذين استخدموا فيروسات صديقة
متخصصة في القضاء على هذه الأرانب تم إنقاذ الاقتصاد الاسترالي من غزو الأرانب.
وكذلك يمكن استخدام الفيروسات في القضاء على الفقاريات المعادية مثل الفئران.
وهناك الفيروسات التي يمكن استخدامها في المقاومة
البيولوجية للحشائش حيث يتم استخدام الفيروسات التي تتخصص في إصابة الحشائش ولا
تسبب أي أضرار لنباتات المحاصيل أو البساتين، مما يمثل بديل آمن بيئياً للمبيدات
الحشائش الكيماوية.