تعمير الصحراء
وقاية وعلاج
د. زياد موسى عبد المعطي
تعمير
الصحراء حلاً للعديد من المشاكل، بل وشفاء للعديد من الأمراض، بل الانتشار في ربوع
الوطن يزيد الانتماء، ويزيد دخل الوطن والمواطنين.
بإلقاء نظرة على الوضع
الحالي لتوزيع السكان في مصر نجد أن سكان مصر يتركزون في حوالي 6 % تقريباً من مساحة مصر بينما
البقية الباقية من مساحة مصر صحراء، وأرى الوضع الحالي للتوزيع السكاني في مصر مثل
من يملك قصراً ضخماً فخماً به العديد والعديد من الحجرات، ويعيش هو وأسرته في إحدى
غرف القصر وترك باقي القصر مهجوراً، ولذلك يجب علينا أن نعمر القصر ونسكن في غرفه
بدلاً من التكدس في غرفة واحدة.
فيجب علينا أن نجعل تعمير
الصحراء أحد أهم المشاريع الوطنية في مصر خلال السنوات القليلة القادمة، وهناك العديد من
المقترحات لتعمير صحراء مصر، أهمها ممر التنمية للدكتور فاروق الباز، وكذلك مشروع
تنمية سيناء، ومشروع تنمية الصحراء الغربية للدكتور ممدوح حمزة.
فالانتشار في صحراء مصر
يجب أن يكون وفق خطط مدروسة، خطط يشترك في وضعها علماء وخبراء مصر في مجالات شتى،
خطط لبناء مصر لقرون عديدة نتجنب فيها الزحام في المجتمعات العمرانية الجديدة.
وأرى أن يستخدم سكان
المجتمعات العمرانية المزمع إنشاؤها باستخدام وسائل حديثة في حياتهم اليومية، مثل استخدام وسائل
جديدة للطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واستعمال مواد جديدة لبناء
المنازل.
وأرى أن إقامة مدن مليونيه
جديدة ليست حلاً مناسباً، فإقامة مثل هذه المدن من شأنه أن نصدر مشاكل الوادي
القديم لها، فمن المناسب إقامة مدن صغيرة ذات شوارع واسعة ومساحات خضراء كبيرة،
وبأسعار مناسبة لدخل الشباب، وأن تتوفر فيها جميع الخدمات الصحية والتعليمية
وتتوفر فيها جميع المرافق، وأن يكون سكان هذه المدن من العاملين فيها في مصانعها
ومشاريعها ومؤسساتها المختلفة.
وأن يكون هناك إعادة تفعيل
لمشروع قرى الخريجين، وأن يتم تمليك عدد من الأفدنة (مثلاً من 5 إلى عشرة أفدنة لكل
خريج)، وأن تتم الزراعة بطرق حديثة توفر المياه، ولا تستخدم فيها المبيدات، وأن
يتم فيها زراعة المحاصيل الإستراتيجية المهمة مثل القمح والقطن، وزراعة الأشجار
المثمرة المختلفة وزراعة النخيل، وأن تكون هذا القرى الجديدة قرى منتجة للمنتجات
الزراعية المختلفة، يتوافر فيها مشاريع إنتاج الدواجن والمواشي، ومنتجات الألبان،
وحفظ الأغذية.
وتنمية الصحراء وإنشاء
مجتمعات عمرانية جديدة يوفر إقامة الكباري والأنفاق في المدن الكبرى، وإقامة الطرق الدائرية
لهذه المدن، فالأنفاق والكباري والطرق الدائرية أراها مسكنات وقتية لا تعالج أمراض
الزحام، والنتيجة لاستعمال المسكنات هي الحاجة لمزيد منها مما يزيد الحالة سوءً،
والحل الصحيح هو أن يأخذ وطننا علاج وليس مسكنات.
ولذلك أرى أن تعمير وتنمية
الصحراء فيه علاج ووقاية لمشكلات وأزمات وأمراض كثيرة للوطن والمواطنين منها ما
يلي:
·
حل مشاكل البطالة حيث أن تعمير الصحراء
ينتج عنه خلق فرص عمل في المدن والقرى، ومن ثم يمكننا علاج ظاهرة الهجرة غير
الشرعية لأوروبا عبر مراكب الموت التي نفقد فيها عدد من شباب الوطن، كان حلمهم
فرصة عمل تدر عليهم دخلاً كبيراً، بل يزيد الانتماء والحب للوطن الذي يستطيع فيه
الشباب تحقيق أحلامهم، وتملك أراضي ومشاريع فيه، فيشعر الشباب بأن البلد بلدهم
وليست ملكاً للقلة الغنية المحتكرة للمال والسلطة كما كان في الماضي القريب، بل ويحد
من الجريمة لتوافر فرص العمل.
·
حل لمشاكل توفير المساكن، حيث نستطيع توفي مساكن
لسكان المقابر وسكان العشوائيات، فالإمكان أن نبني لهم بيوت في المدن والقرى
الجديدة، بل يقلل من ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج.
·
حل لمشاكل التناقص الدائم
في مساحة الأراضي الزراعية، حيث يمكننا استصلاح أراضي جديدة، وتقليل البناء
على الأراضي الزراعية، ويمكننا زيادة النتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي والتصدير
للمحاصيل الزراعية والمنتجات الزراعية المختلفة.
·
بل تعمير الصحراء علاج
للعديد من مشاكل وأمراض وأخلاق الزحام:
Ø الأزمة المرورية في القاهرة والمدن الكبرى (مثل الإسكندرية - والمنصورة وغيرها) التي
سوف تجعل هذه المدن بعد سنين قليلة تتحول إلى جراج كبير لا تستطيع في السيارات أن
تتحرك أو تكون الحركة أبطأ مما عليه الآن، وعلاج الأزمة المرورية يوفر الوقت
والجهد للمواطنين، ويوفر الطاقة المستخدمة في تشغيل المركبات.
Ø أخلاقيات الزحام مثل العصبية في التعامل،
والتحرش، وجرائم الزحام مثل النشل حيث يستغل النشالون زحام المواصلات في أداء
جريمتهم.
Ø التلوث الناتج عن عوادم السيارات والورش والمصانع، ومن ثم الوقاية من
الأمراض الناتجة عن التلوث مثل الأمراض الصدرية والسرطانات وغيرها.
مقالة منشورة في :
جريدة الجمهورية: السبت – 12 شوال 1432 هـ -10 سبتمبر 2011 م – العدد 21075 – صـ 12.