العقود المؤقتة
د. زياد موسي عبد المعطي
من المشاكل الخطيرة تشغيل المؤقتين في الجهاز الاداري للدولة وهم شباب يتم
تعيينهم باليومية، أو براتب شهري قليل، لا يكفي قوت يوم من
يعمل مؤقتًا، والحقيقة أنه ليست له حقوق مثل من يعمل مثبتا في الحكومة، ولا يتم
ترقيته. ويظل الشاب الذي يعمل وفق هذا النظام يتحمل الفقر أملا في حلم التثبيت
واللحاق بقطار الوظيفة الميري، وبعضهم لا يتحمل هذه الظروف ويترك العمل المؤقت
ليعمل في القطاع الخاص أو يسافر للخارج لكي يحقق أحلامه بالزواج وتكوين أسرة. وبعض
هؤلاء المؤقتين من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه في المراكز البحثية يتقاضون
القليل من الجنيهات لا تتعدي أحيانا مائة جنيه. وكان يتم تثبيت العدد القليل جدا
من المؤقتين كل فترة، وهو عدد أقل مما يحتاجه العمل في المصالح الحكومية في أغلب
الأحيان.
وقد أصاب ذلك الشباب الذين يعملون وفق هذا النظام بالإحباط، وأصاب
الجهاز الاداري للدولة بالشيخوخة، فقبل الثورة كنا نجد في بعض المصالح الحكومية
موظفين تمت ترقيتهم لدرجة المدير العام وتعدت سنهم خمسين سنة ولا يوجد لهم مرؤوسون
من الموظفين، أي أن المدير يعمل مديرًا على نفسه أو مديرًا على موظفين مؤقتين فقط.
وهذا النظام في التعيينات ترتب عليه عدم وجود صف ثان وثالث في الجهاز الاداري
للدولة أو حرم هذا الجهاز تواصل الأجيال ونقل الخبرات.
ولعلاج مشكلة سوء التوزيع في الوظائف الناتج عن عدم التعيين لفترات
طويلة فمن الممكن أن يكون تثبيت المؤقتين حلاً، وأري أن جهاز التنظيم والادارة
ووزارة التنمية الإدارية يجب أن يلعبا دورا مهما في إعادة توزيع من يتم تسكينهم في
المصالح والمؤسسات داخل الوزارة الواحدة، أو داخل الوزارات المختلفة، فمثلًا
الأماكن التي بها أعداد كبيرة من المحاسبين يتم نقل بعض المثبتين حديثا إلى
الأماكن التي به عجز، وكذلك باقي التخصصات.
ويجب العمل في عدة مسارات منها عدم تعيين مؤقتين مرة أخري، وأن يتم حصر
احتياجات كل جهة حكومية, والتعيين فيها بنظام الاعلانات بشفافية تامة ووفق شروط
عادلة، وكذلك تعديل قوانين العمل في القطاع الخاص بما يضمن للعاملين حقوقهم, فأحد
أسباب التهافت علي العمل بعقود مؤقتة هو حلم العمل الميري وضمان المعاشات
والتأمينات والخوف من العمل في القطاع الخاص الذي لا يضمن هذه الحقوق، وكذلك تشجيع
الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة، مما يقلل من البطالة والتهافت علي العقود
المؤقتة في الحكومة، وتشجيع إقامة المشاريع الصغيرة، والتوسع في إقامة مدن جديدة،
مما يسمح بنقل موظفين حكوميين لهذه المدن، وزيادة فرص الاستثمار، وإقامة مصانع
جديدة, والتوسع في إقامة قري شباب الخريجين، وكذلك تحسين علاقاتنا مع
الدول العربية والإفريقية.
مقالة منشورة في جريدة
الأهرام - الخميس – 13 من رجب 1434 هـ - 23 مايو 2013 م – العدد 46189 – صـ 12 -
بريد الأهرام.