تحقيق الأهداف على مراحل
د. زياد موسى عبد المعطي
كل
شيء في الكون يتم على مراحل، سنة كونية أودعها الله في خلقه، خلق الإنسان على
مراحل، حياة الإنسان فيها مراحل، النباتات تمر في حياتها بمراحل، سقوط الأمطار
يحتاج لمراحل، كلُ تغييرٍ في الكون يحتاج لمراحل، يجب علينا أن نخطط لحياتنا
وتحقيق أهدافنا على مراحل.
خلق
الله الأرض في ستة أيام وهو سبحانه وتعالى القادر على أن يقول للشيء كن
فيكون، حيث يقول الله عز وجل “إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن
يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (يس: 82)، “إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا
أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (النحل: 40). وأرى أن إحدى حكم ذلك
أن الله عز وجل أراد أن يعلمنا أن كل شيء يتم على مراحل.
الإنسان
يمر في حياته بمراحل: حيث يبدأ بمرحلة الجنين التي تستمر تسعة أشهر،
ومرحلة الطفولة، ويكبر الإنسان ويمر بمرحلة الشباب، ثم يكبر في السن حتى يصل
لمرحلة الشيخوخة.
النباتات تمر
بمراحل في حياتها: فهي تبدأ من مرحلة البذرة، وتنمو وتمر بمرحلة تعطي فيها زهوراً
ثم تعطي ثماراً.
فعلى
الإنسان أن يخطط لتحقيق أهدافه على مراحل بأن يبدأ بمرحلة تحديد
الأهداف، ويخطط لتحقيق هذه الأهداف، وأن يضع خططاً وخططًا بديلة تحسباً لوجود أي
عقبات، وأن يبدأ في تنفيذ خططه، وأن يجتهد قدر الإمكان لتحقيق هدفه، وأن يصبر
ويثابر في عمله، ولا يستعجل تحقيق الأهداف.
يجب
ألا نستعجل في تحقيق الأهداف وأن نصبر ونجتهد: والنجاح وجني ثمار
التعب والمجهود والإخلاص سوف يأتي في وقته المناسب، فمثلاً جني الثمار في الفاكهة
يكون عند تمام نضج الثمار لنحصل على أفضل ناتج ممكن.
مرحلة
تحديد الهدف والتخطيط توفر الجهد والوقت: فمن يريد السير في طريق
النجاح يجب أن يعرف طبيعة الطريق، وطول الطريق، والعقبات الموجودة فيه، والوقت
والجهد اللازمان للوصول لمرحلة النجاح.
النجاح
لا يأتي فجأة، بل يحتاج لمشوار طويل نمشي فيه خطوات كثيرة، وإن تعثرنا في
الطريق فعلينا القيام، ومواصلة المشوار. ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة تعقبها
خطوات، والتخطيط والتقييم يجعلنا لا نضل الطريق.
إن
قابلتنا في طريقنا مطبات تجبرنا على إبطاء سرعة تحقيق الأهداف، فعلينا
مواصلة المسير ومعاودة زيادة السرعة بعد المطبات.
قد
نتوقف في طريق تحقيق الأهداف حيث قد نحتاج إلى أوقات نتعلم فيها الجديد من
الخبرات التي نحتاجها لتحقيق الأهداف، أو أوقات لتقييم وتغيير الخطط، مثلما تحتاج
السيارات إلى مراحل من التزود بمصدر الطاقة، أو أوقات للصيانة وتصليح الأعطال.
وكل
مرحلة لها متطلباتها، فنخطط ونعمل حسب إمكاناتنا وعلى حسب
المرحلة، فمثلاً من يخطط لنفسه في مرحلة الشباب غير من يخطط في مرحلة سنية متقدمة.
وكل
شخص له إمكاناته وخططه وأحلامه التي تختلف عن الآخر، كلٌ يخطط حسب ميوله
وإمكانياته، وكلٌ يجب عليه أن يتقدم للأمام، ولا يقف محلك سر.
وعلينا
الاستفادة بخبرات السابقين، وخاصة الناجحين، فمن يريد أن يسلك طريق النجاح
عليه أن يسلك الطريق الذي سار فيه الناجحون قبله في نفس مجاله.
طريق
النجاح ليست له نهاية، هذا الطريق به محطات نجاح ومحطات فشل، فكما
أننا لا نرى بأعيننا سقفًا للسماء، كذلك لا نرى سقفًا للنجاح، هناك محطات نجاح
تعطي شحنة إيجابية وفرحة وأمل وطاقة لمزيد من النجاح، ومحطات فشل يجب تخطيها، وألا
تجعلنا نترك الطريق ونتوقف، محطات نتعلم منها أسباب الفشل لتجنبها في المستقبل،
ونسير في طريق النجاح لنصل لمحطة نجاح أخرى.
على
الأفراد والمؤسسات والدول أن تخطط لتحقيق أهداف محددة، ومنطقية، وفقاً لجدول
زمني معين، وأن تقيس وتقيم تحديد الأهداف، وعلى أساس التقييم، يمكن التعديل
والتغيير في الخطط.
لا
يجب أن نعيش بدون تخطيط، وبدون أهداف مرحلية في حياتنا، سواء على مستوى
الأشخاص، أو الأسر، أو المؤسسات أو الدول، فكما يقال: إذا توقفنا عن الأحلام نكون
في عداد الأموات.
علينا
أن نخطط لأنفسنا أن نكون ناجحين، وأن نكون قدوة لأبنائنا، وأن نخطط لهم، بأن
نربيهم تربية صحيحة، وأن نعدهم ليكونوا ناجحين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم، وأن
نكتشف مواهبهم وننميها، وأن نوفر أسباب تحقيق أهدافهم، وعلى المؤسسات أن تضع أصحاب
القدرات والمواهب في الصدارة، وأن تضع الدول الخطط الواقعية للتنمية والتقدم
والرخاء لشعوبها.
يجب
أن نحقق تقدما مع كل مرحلة، فالعمر يمضي، والزمن يجري ولا يتوقف، وعلينا أن
نكون في كل مرحلة أفضل من سابقتها، وأن نخطط كل مرحلة كم أنجزنا، وكما ربحنا من
حسنات تقربنا من الجنة وتبعدنا عن النار في الآخرة.
وعلى
المؤسسات والدول أن تحاسب أنفسها في كل مرحلة كم أنجزت من خطط وكم ربحت، وكم قدمت
من خدمات لمن يسألنا عنهم ربنا يوم القيامة.
علينا أن نحقق أحلامنا وأهدافنا في الدنيا، وأن تكون
هذه الأهداف والأحلام طريقنا لكي ننال رضا ربنا ودخول أعلى الجنان تحت عرش الرحمن.
مقالة منشورة في موقع علامات
أونلاين: الأربعاء - ا فبراير 2017 –
و مقالة منشورة في جريدة الجمهورية المصرية: الإثنين 6 من رجب 1438 ه – 3 من إبريل 2017 م – العدد 23108 – صـــ 16.