البناء على الأراضي الزراعية
د. زياد موسى عبد المعطي
أحمد
التعدي على الأراضي
الزراعية والبناء عليها أراه مشكلة كبيرة تؤثر على مستقبل الوطن، وخلال هذه السطور
أحاول أن أتناوله من منظور المسئولين ومن وجهة نظر المواطنين في الأرياف وأن أقترح
حلولاً.
من وجهة نظر المسئولين تمثل
هذه الظاهرة مشكلة كبيرة من حيث:
تناقص مساحة الأراضي
الزراعية يؤدي إلى قلة الإنتاج الزراعي، وهو ما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الإنتاج
والاستهلاك من المواد الغذائية وغيرها من المنتجات الزراعية الأخرى ويترتب عليه
زيادة الاستيراد ويؤدي إلى ضعف الاقتصاد.
وكذلك تناقص مساحة الأراضي
الزراعية يؤدي إلى التأثير على الكثير من الصناعات المرتبطة بالزراعة مثل
صناعة الغزل والنسيج المرتبطة بمحصول القطن، وصناعات حفظ الأغذية.
فضلاً عن ارتفاع أسعار
الأعلاف الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية من لحوم ومنتجات ألبان وبيض
وغير ذلك.
والاستمرار في ظاهرة البناء
على الأراضي الزراعية سيؤدي مع الوقت القريب إلى تلاحم وتلاصق القرى والمدن ويجعل
الدلتا بالذات مدينة كبيرة، وهو يمثل أيضاً مشكلة بيئية فتناقص المساحة
الخضراء يؤدي إلى تزايد تلوث الهواء، ويؤدي إلى العديد من الأمراض.
وتعويض المساحة التي تم
البناء عليه من الأراضي الزراعية من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية يستغرق وقتاً
كبيراً وأموالاً كثيرة.
وعندما أرى هذه المشكلة من
وجهة النظر الأخرى أجد هناك مبررات من أهل الأرياف الذين يقومون بالبناء على
الأراضي الزراعية:
من حق سكان الأرياف
كمواطنين توفير المسكن المناسب لهم ولأولادهم، فقد توسع سكان القرى
توسعاً رأسياً ببناء منازلهم عدة طوابق، ومع الزيادة السكانية اضطروا للبناء في
الأراضي الزراعية.
دخل الفلاح من الزراعة لم
يعد مثل السابق في ظل تدهور أسعار بعض المحاصيل الرئيسية مثل القطن، ومع ارتفاع
مدخلات الإنتاج من تقاوي وأسمدة ومبيدات أصبحت الزراعة لقطاع كبير من الفلاحين غير
مربحة.
تفتيت الملكية الزراعية مع ثبات المساحة الزراعية
بل وتناقصها، وتفتت المساحة الزراعية بين الورثة، حيث كانت المساحة التي يتملكها
أو يستأجرها الفلاح في الخمسينات والستينات من القرن الماضي حوالي ثلاثة فدادين أو
فدانين ونصف، والآن صار نصيب الوريث من أبناء هؤلاء المزارعين أقل من فدان، وهو
دخل الزراعة للفرد.
تبوير الأراضي وبيعها
كأراضي سكنية تمثل عملية مربحة بسبب ارتفاع أسعار أراضي المباني عن الأراضي
الزراعية.
ومن وجهة نظري أرى الحلول
فيما يلي:
إقامة مجتمعات عمرانية
جديدة: حيث تمثل إقامة المدن والقرى قوى سحب للتجمعات السكانية في الوادي
القديم، وتقلل من التكدس السكاني الموجود حالياً، ويجب أن تكون هذه المجتمعات
العمرانية كاملة المرافق من حيث وجود مياه الشرب، والطرق، والمدارس والمستشفيات،
وغير ذلك.
استصلاح أراضي جديدة في
الصحراء: وذلك لتعويض الأراضي التي تم فقدها بالبناء عليها في الوادي القديم،
وتشجيع الشباب على تملك هذه الأراضي بأسعار مخفضة، أو استجارها بأسعار رمزية.
رعاية المزارعين بتوفير مدخلات
الإنتاج بأسعار مناسبة، وضمان تسويق المحاصيل بأسعار تجعل الزراعة مهنة مربحة،
وأرى أن خسارة الفلاحين مادياً يجعل عملية تبوير الأراضي تزداد.
تشجيع الاستثمارات في
المجتمعات العمرانية الجديدة بتشريعات تحفز المستثمرين على إقامة
مشروعاتهم الجديدة في هذه المجتمعات وعمل مساكن للعاملين معهم بجوار مشروعاتهم.
نرجو أن نتمكن من زيادة
رقعة المساحة الزراعية من خلال الحفاظ على الأراضي الزراعية الحالية، وزيادة
استصلاح الأراضي بمعدل أعلى، وأن تكون تغليظ العقوبات للبناء على الأراضي
الزراعية أحد الحلول لكن بعد دراسة المشكلة وحلها من جذورها لأني أرى أن الاعتماد
على تغليظ العقوبات فقط مجرد مسكن للمشكلة بينما الأسباب لم يتم علاجها.
مقالة منشورة في جريدة الجمهورية المصرية: السبت 14 من صفر 1436 هـ - 6 من ديسمبر 2014 م - العدد 22258 - صـ 15.