الأراضي الزراعية تشتكي
بقلم: د. زياد موسى عبد
المعطي
أي مسافر بصفة دورية في الوقت الحالي على طريق زراعي في مصر يلاحظ أن مساحة الأراضي الزراعية تقل تدريجياً، وأن البناء على الأراضي الزراعية يتم بصورة مستمرة، وعشوائية، وأن الحيز العمراني للقرى والمدن يتمدد، وتتلاشى الفواصل بين القرى بعضها البعض، وبين القرى والمدن.
وفي حوار تخيلي يدور في جلسة بين الأراضي الزراعية ومزارعين، ومن يبنون على الأراضي الزراعية وخبراء تخيلت الحوار التالي:
الأراضي الزراعية: ارجوكم أنقذوني، إن مساحتي تتآكل، وبناء الكتل الخرسانية مستمر بدلاً من زراعة النباتات، إن القرى والعزب والنجوع يتوسعون في بناء مساكنهم، والحيز العمراني للمدن يتوسع على مساحتي، وإذا استمر الحال في تبوير الأراضي والبناء بهذا المعدل فإنه في القريب العاجل سوف تنتهي الكتلة الزراعية في الدلتا وتصبح الدلتا مدينة واحدة ليس بها أراضي زراعية.
أحد المزارعين: ماذا أفعل؟ الدخل من الزراعة
لم يعد مٌجدٍ، أسعار جميع المدخلات قد ارتفعت، أجور العمالة الزراعية، وأسعار
الأسمدة والتقاوي، وأسعار الوقود الذي تعمل به ماكينة الري، كل هذا قد ارتفع وفي
المقابل لم يقابل هذا زيادة في أسعار المحاصيل، فمن أين أنفق على أسرتي؟ قد يكون
تبوير الأرض والبحث عن فرصة عمل أخرى فرصة لدخل أفضل بالنسبة لي، وقد يكون بيع
الأرض الزراعية كأراضي مساكن انقاذ لي ولأسرتي من فقر محقق.
الأرضي الزراعية: أريد أن أسمع حجة من
يبنون على مساحتي المساكن ما الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك؟
أحد من يبنون على الأرضي
الزراعية في القرى: ماذا أفعل؟ ما البديل؟ هل أذهب لأشتري أرض في
الصحراء يتم بيعها بأثمان باهظة، قد تزيد عن ثمن الأراضي الموجودة في قريتي، بجوار
عملي، وبجوار عائلتي، الأبناء يكبرون ويريدون مساكن فهل هناك بديل مناسب بسعر
مناسب؟ هل يتوفر مجتمعات بها مرافق وفرص عمل للشباب لكي لا يبنون على الأراضي
الزراعية في الدلتا وفي القرى القديمة؟ أم الأسعار خيالية ولا تناسب الشباب!!!
أحد الحضور تكلم قائلاً: أرى كل طرف له أسبابه
وحجته، فالبناء على الأراضي الزراعية القديمة يمثل إهدار لثروات البلد وتقليل
الرقعة الزراعية، ويمثل خطر على مستقبل الأجيال القادمة، وله عيوب كثيرة،
والمزارعين لديهم الحق في أن يجدوا دخلاً معقولاً من الزراعة يجعلهم يعيشون حياة
كريمة، ويجب توفير مساكن بأسعار مناسبة في المناطق الجديدة مع توفير فرص عمل في
هذه المجتمعات العمرانية.
قال آخر من الحاضرين: تعمير الصحراء أراه
حلاً مناسباً لمنع البناء على الأراضي الزراعية القديمة، أرى أن إنشاء قرى ومدن
جديدة مع توفير الخدمات المناسبة، وتشجيع الشباب على تعمير هذه المجتمعات الجديدة.
قال أحد الحضور: يجب أن تكون هناك حوافز
ومغريات لتعمير هذه المجتمعات الجديدة، وهذه الحوافز تمثل قوة جذب للخروج من
المجتمعات القديمة للمجتمعات الجديدة التي سوف يتم إنشائها.
قال أحد الخبراء
الزراعيين: نعم أرى أن تكون ثمن الأراضي الزراعية في القرى الجديدة بأثمان قليلة،
ويتم تمليكها لخريجي كليات الزراعة ومدارس الثانوي الزراعي، وأن لا يكون هناك
مقدم، مع جعل هناك فترة سماح خمس سنوات وتقسيط ثمن الأراضي الزراعية على عشر سنوات
أو أكثر، بل يكون هناك تشجيع للجادين بإعطاء سلفة أول سنة لزراعة أول محصول، و
تشجيع الإنتاج الحيواني في هذه المجتمعات العمرانية، وقلة المياه المتاحة يمكن
التغلب عليها بالاعتماد على الطرق الحديثة في الري في الأراضي القديمة والجديدة
لتوفير المياه اللازمة للري، مثل الري بالتنقيط والري بالرش، والعمل مع الجامعات
والمراكز البحثية على انتاج أصناف من النباتات تحتاج كميات أقل من المياه، مع
الاستفادة من مياه الآبار ، ومياه الأمطار في زراعة المحاصيل في القرى الجديدة.
وقال أحد المختصين في
الإسكان: أرى أن يتم توفير مساكن للشباب في المدن والقرى الجديدة بأسعار
مخفضة، وبدون مقدم، وبالتقسيط على سنوات طويلة، وألا يجوز التنازل عن الأراضي
والمساكن قبل عشرين سنة، مع توفير فرص عمل في المدن بإقامة مصانع وشركات، وإقامة
مدارس وجامعات، وتوفير الخدمات لتوطين الشباب في المدن الجديدة، فزراعة المجتمعات
الجديدة بالبشر لا يقل أهمية عن زراعة الأراضي الجديدة بالمحاصيل المختلفة، ويجب
توفير المغريات التي تشجع الناس على الخروج من المجتمعات القديمة إلى المجتمعات
الجديدة، ويجب الاعتماد على تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية لتوفير مياه
الشرب والري في المجتمعات الساحلية القديمة والجديدة.
الأراضي الزراعية: نعم يجب زراعة الأراضي
الجديدة بالنباتات وزراعة المجتمعات الجديدة بالبشر، للحفاظ على الأراضي الزراعية
القديمة، ولكي ينعم هذا الوطن بمستقبل أفضل.
ما رأيكم في هذا الحوار؟
اعتقد أن هذا الحوار يحتاج لبقية، وآراء أخرى للرد عل الأراضي الزراعية التي تشتكي
وتستغيث.
الكلمات الدالة: أراضي - زراعة - تعمير
- تبوير - مساكن - دخل - حوار - مياه